الدراسة النظرية في الترجمة من العربية إلى الإندونيسية
إعداد: الحاجّ محمد شمس الدين نور[1]
إن الترجمة إحدى المهارات الأساسية في تعليم اللغة العربية. وهي نقل الأفكار من لغة إلى أخرى. وكثيرا ما يجهله المرء دقائق لغة المصدر ولغة الهدف، فلا يستطيع عندئذ أن يقوم بترجمة صحيحة تكشف لقومه عن الكنوز الفكرية الموجودة في اللغة الأخرى. فلا بد من فهم نظريات الترجمة من طرائقها وإجراءاتها وكيفية تطبيقهن في الترجمة.
الكلمات الرئيسية : الترجمة، طرائق الترجمة، إجراءات الترجمة.
أ. تمهيد
المهارات اللغوية تقليديا تشتمل على أربعة أنواع. وهي مهارة الاستماع لفهم اللغة المعبّرة شفهيا، ومهارة القراءة لفهم اللغة المستخدمة تحريريا، ومهارة الكلام للتعبير عن كل شيء شفهيّا، ومهارة الكتابة للتعبير عن كل شيء تحريريا.
فَبلاطّلاع على علاقة بين لغة وأخرى نجد مهارة خامسة وهي مهارة الترجمة. مهارة الترجمة هي مهارة نقل الكلام من لغة إلى أخرى. ومعنى نقل الكلام من لغة إلى أخرى، التعبير عن معناه بكلام آخر من لغة إلى أخرى، مع الوفاء بحميع معانيه ومقاصده. (انظر إلى الزرقاني1996 ج.2: 120)
إن مهارة الترجمة مهارة أساسية.فهي وسيلة لعملية الاستبدال الثقافي والحضاري. وقد كتب التاريخ أن بداية تطور الحضارة الإسلامية هي من أنشطة ترجمة الروائع القديمة اليونانية، والفرسية، والهندية، والمصرية. وبعد فترة، تناولت الأوروبا الحضارة الإسلامية وانتقتها أيضا من أنشطة الترجمة (شهاب الدين، 2002 :1). ولن يتصور وجود الاستبدال الحضاري بدون مهارة الترجمة.
ب. تعريف الترجمة
قدّم العلماء تعاريف وتحاديد كثيرة للترجمة. ففي اللغة الإندونيسية، كلمة "”terjemah مستعارة من اللغة العربية "تَرْجَمَ". واللغة العربية نفسها التقطها من اللغة الأرمنية "تُرْجُمَانٌ" (ديدوي، 1992: 37). وكلمة "تُرْجُمَان"، و"تَرْجَمَان" و"تَرْجُمَان" بمعنى واحد. وهو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى أخرى، والجمع "تَرَاجِمُ" (منظور، 1992، ج.12 :66). والزرقاني (1996، ج.2: 199-120) يقول إن الترجمة لغةً لها معان أربعة:
أولها، تبليغ الكلام لمن لم يبلغه. ومنه قول الشاعر:
"إن الثمانين وبلغتها قد أحوجت سمعي إلى ترجمان"
ثانيها، تفسير الكلام بلغته التي جاء بها. ومنه قيل في ابن عبّاس: إنه ترجمان القرآن. ولعل الزمخشري في كتابه أساس البلاغة يقصد هذا المعنى إذ يقول "كلّ ما ترجم عن حال شيء فهو تفسرته". ثالثها، تفسير الكلام بلغة غير لغته. وجاء في لسان العرب، وفي القاموس، أن الترجمان هو المفسّر للكلام. وقال شارح القاموس ما نصه"وقد ترجمه وترجم عنه إذا فسّر كلامه بلسان آخر قاله الجوهري" اهـ. وجاء في تفسير ابن كثير والبغوي أن كلمة "ترجمة" تستعمل في لغة العرب بمعنى "تبيين" مطلقا سواء اتحدّت اللغة أم اختلفت
رابعها، نقل الكلام من لغة إلى أخرى. قال في لسان العرب: "الترجمان بالضمّ والفتح هو الذي يترجم الكلام أي ينقله من لغة إلى أخرى، والجمع تراجم. وشارح القاموس بعد أن أورد المعنى السابق في "ترجمة" و"ترجم عنه" قال: "وقيل نقله من لغة إلى أخرى". اهـ
ولكون هذه المعاني الأربعة فيها بيان، جاز على التوسّع إطلاق الترجمة على كل ما فيه بيان مما عدا هذه الترجمة، فقيل ترجم لهذا الباب بكذا أي عنون له، وترجم لفلان أي بيّن تاريخه، وترجم حياته أي بيّن ما كان فيها، ترجمة هذا الباب كذا أي بيان المقصود منه، وهلمّ جرّاً.
أما الترجمة اصطلاحا فعرّفها العلماء بعبارات شتّى. منها ما قاله كاتفورد Catford (1964: 12) إنها عملية استبدال نص في لغة معيّنة بنص آخر فى لغة أخرى. وأما الزرقانى (1996 ج.2: 120) فقال إنها نقل الكلام من لغة إلى أخرى. ومعنى نقل الكلام من لغة إلى أخرى، التعبير عن معناه بكلام آخر من لغة إلى أخرى، مع الوفاء بحميع معانيه ومقاصده.
وإذا قارنــّا بين التعريفين وجدنا أن تعريف الزرقاني أجمع وأشمل لأنه يخرج عن معنى الترجمة مالا يوفي بحميع معانيه ومقاصده. فنقل الكلام من لغة إلى لغة إن لم يوفِ بجميع معاني لغة المصدر ومقاصدها لا يسمّى ترجمةً عند الزرقاني لكنه يسمّى ترجمة عند كاتفورد.
واستمر الزرقانى (1996 ج.2 : 120 – 121 ) بيان الترجمة الاصطلاحية بأن يمكننا أن نعرّف الترجمة بعبارة مبسوطة فنقول: هي التعبير عن معنى كلام في لغة بكلام آخر من لغة آخرى مع الوفاء بجميع معانيه ومقاصده. فكلمة "التعبير" جنس، وما بعده من القيود فصل، وقولنا (عن معنى كلام) يخرج به التعبير عن المعنى القائم بالنفس حين يخرج في صورة اللفظ أول مرة. وقولنا (بكلام آخر) يخرج به التعبير عن المعنى بالكلام الآول نفسه، ولو تكرر ألف مرة.
وقولنا: (من لغة أخرى) يخرج به التفسير بلغة الأصل، ويخرج به أيضا التعبير بمرادف مكان مرادفه، أو بكلام بدل آخر مساوٍ له، على وجه لا تفسير فيه، واللغة واحدة في الجميع. وقولنا (مع الوفاء بجميع معاني الأصل ومقاصده)، يخرج به تفسير الكلام بلغة إلى غير لغته، فإن التفسير لا يشترط فيه الوفاء بكل معاني الأصل المفسّر ومقاصده، بل يكفي فيه البيان ولو من وجه.
ومعاني الكلام هي كل معلومات تتعلق بكلام فهي إذن موضوعية. ويعني بذلك إن المعلومات في الكلام مفهومة منه وحده، بدون الاطّلاع على المتكلم به. وأما مقاصد الكلام فهي تعود إلى معلومات من ناحية المتكلم فهي إذن شخصيّة. فإذا سألنا أحد "كيف حالك؟"، مثلا، فمعنى هذا الكلام أنه يسأل عن حالنا، لكن المقصود من ذاك السؤال متنوّع، إمّا للمجاملة وإما لافتتاح الحوار وإما للمخاطبة. فعلى هذا التعريف يطلب من المترجم أن يوفي بجميع معاني لغة المصدر ومقاصدها (شهاب الدين، 2002 : 8).
لا بد لتحقيق معنى الترجمة من أمور أربعة: أولها، معرفة المترجم لأوضاع اللغتين، لغة الأصل (لغة المصدر) ولغة الترجمة (لغة الهدف). وثانيها، معرفته لأساليبهما وخصائصهما. وثالثها، وفاء الترجمة بجميع معاني الأصل ومقاصده على وجه مطمئن. ورابعها، أن تكون صيغة الترجمة مستقلة عن الأصل بحيث يمكن أن يستغني بها عنه، وأن تحَلَّ محلّه، كأنه لا أصل هناك ولا فرع (الزرقاني، 1996، ج.2 : 123).
نقل معاني لغة المصدر أمر مهم في الترجمة، وليس معنى هذا إلغاء أسلوب لغة الهدف تماما. وقد بيّن سدتونو Sadtono (1985 : 11) الأوليات التي عملها المترجم كما يلي:
1. المكافئة من ناحية المعنى مقدّم عليها من ناحية المفردات
2. المكافئة من ناحية المعنى مقدّم عليها من ناحية الأسلوب
3. الأسلوب اللساني مقدّم على الأسلوب الكتابي
4. الأسلوب الأسهل فهمه على القارئين مقدّم على الأسلوب ذي هيبة على نظر المترجم
وهكذا، دلّ ذلك التعريف على أن الترجمة هي عملية اتصالية تورّط فيها أربعة وهي: أولاً: المصنّف الذي يعرض آراءه في لغة المصدر. وثانيا: المترجم الذي ينقل آراء المصنّف في لغة الهدف. وثالثا: القارئ الذي يقرأ تلك الآراء في لغة الهدف. ورابعا: تلك الآراء نفسها التي هي مركز اهتمام الأصناف الثلاثة المذكورة (شهاب الدين، 2002 : 8 – 9).
ج. طرائق الترجمة
طريقة الترجمة هي طريقة مستخدمة لترجمة نص بالكلية من أوّله إلى آخره. فموضوع الطريقة هو النص الكليّ، وهي متعلّقة بمبادئَ تمسّك بها المترجمون حين يعبّرون عن نص المصدر. ولذلك قد يعنى بطريقة الترجمة، مدخلا لحلّ مشكلات الترجمة (شهاب الدين، 2002 : 202). وإن طريقة الترجمة في المراجع الغربية يُدرَس عليها وتقسَّم تفصيليا. كمثل نيومارك Newmark (1988: 45-47) الذي رأى أن طريقة الترجمة تختلف من ناحية ميلها، إما إلى لغة المصدر وإما إلى لغة الهدف. وطريقة الترجمة التي تميل إلى لغة المصدر تنقسم إلى أربع طرائق. وهي ما يلي:
1. ترجمة بين الأسطر (One for One Translation)
الترجمة بهذه الطريقة يعمل حسب الكلمات. فالترحمة توضع تحت كل كلمة لغة المصدر. وترتيب لغة المصدر أيضا يُبقَى كأصله. والكلمة يترجم منها واحدة فواحدة بأعمّ المعنى بدون اهتمام بسياق استعمالها. والكلمة التي ظهرت فيها خصوصية لغة المصدر تبقى أيضا.
إن هذه طريقة الترجمة تتوقف على أمرين: أحدها، وجود مفردات متساوية بين لغة الهدف والمصدر، حتى يمكن أن يحلّ كل مفردات من الترجمة مكان نظيرها في الأصل.
وثانيها، تشبُّه اللغتين في الضمائر المستترة، والراوبط التي تربط المفردات لتأليف التراكيب، سواء في هذا التشبه ذوات الروابط وأمكنتها. وإنما اشترط هذا التشبُّه، لأن محاكات هذه الترجمة لأصلها في ترتيبها تقتضيه.
ثم إن هذين الشرطين عسيران، وثانيهما أعسر من بالأول. فهيهات أن توجد في لغة الهدف مترادفات مساوية لجميع المترادفات في لغة المصدر. ثم هيهات أن تظفر بالتشبه بين اللغتين المنقول منها والمنقول إليها في الضمائر المستترة وفي دوام الروابط بين المترادفات لتأليف العبارات المركّبة.
ومن أجل هذه العزة والندرة قال بعض العلماء: إن الترجمة الحرفية[2] مستحيلة. قال آخرون: إنها ممكنة في بعض الكلام دون بعض. (الزرقاني، 1996، ج.2: 123). لكننا نقول: إنّا نستخدم هذه الطريقة كالخطوة الأولى لترجمة النص الصعب المتعقد.
2. الترجمة الحرفية
هذه الطريقة تنقل تركيب القواعد للغة المصدر إلى أقرب التركيب للغة الهدف. لكن كلمات لغة المصدر يترجم منها واحدة فواحدة بلا اهتمام بسياق استعمالها. وهذه الطريقة تراعي الأبنية النحوية للغة الهدف (نيومارك، 1988: 123). ونموذج الترجمة الحرفية كترجمة يسّين Jassin (1991: 348) للآية 29 من سورة الإسراء كما يلي:
Ÿwur ö@yèøgrB x8y‰tƒ »'s!qè=øótB 4’n<Î) y7É)ãZãã Ÿwur $ygôÜÝ¡ö6s? ¨@ä. ÅÝó¡t6ø9$# y‰ãèø)tFsù $YBqè=tB #·‘qÝ¡øt¤C ÇËÒÈ
“Jangan biarkan tanganmu terbelenggu pada lehermu, dan jangan pula kau ulurkan sejauh-jauhnya sehingga kau jadi tercela penuh penyesalan”
عبارة "جعل اليد مغلولة إلى العنق" كناية عن البخل والشح. وعبارة "البسط كل البسط" كناية عن من يعطي جميع ماله ولا يبقي لنفسه أو المبذّرين. فالمترجم لا يترجم معنى الكنايتين، بل يترجمهما كما كانتا حرفيّةً.
وكما أن ترجمة بين الأسطر، فهذه الطريقة أيضا تستخدم كالخطوة الأولى من عملية الترجمة خصوصا لترجمة النص الصعب المتعقّد.
3. الترجمة الوفيّة (faithful translation)
هذه الطريقة تسعى إلى نقل صورة لمعنى سياق لغة المصدر في تركيب لغة الهدف تماما. ولذلك، تنقل المترادفات الثقافية ويبقى ترتيب القواعد في الترجمة. وهذه الطريقة تسعى إلى الإيفاء بمقاصد المصنف إيفاء تامّا.
فهذه الطريقة أحرّ من الترجمة الحرفية بقليل. لأنها تهتمّ بمعنى سياق لغة المصدر. ومن أجل الإيفاء بمقاصد المصنّف في النصّ المترجَم منه، لا يزال هذا النوع من الترجمة شاذّاً وغريباً. ومثال ذلك عبارة "هو كثير الرماد". فمعنى هذه العبارة حرفيّة هي ia banyak abunya. ويترجم منها بِــ ia dermawan karena banyak abunya. ظهر السعي إلى الإيفاء بلغة المصدر بإبقاء استعارة "كثير الرماد" (ia banyak abunya). وإن كانت الاستعارة معناها "سخيٌّ" في اللغة العربية، لكن الترجمة بإبقاء استعارة "كثير الرماد" شاذّة غريبة من ناحية اللغة الإندونيسية.
4. الترجمة الدلالية
إن الفرق بين الترجمة الوفية والدلالية هو أن الترجمة الوفية قد تكون شاذّة ولا تتوافق مع قواعد لغة الهدف، وأما الترجمة الدلالية فلدنة لينة. فعبارة "كثير الرماد" يترجم منها بدلالتها وهي “ia seorang dermawan”. فاستعارة "كثير الرماد" لا يترجم حرفية ولكنها يترجم منها بدلالتها فحسب.
وما عدا تلك الطرائق الأربع التي تميل إلى لغة المصدر، هناك أربع أخرى التي تميل إلى لغة الهدف. ويعنى بهذا أن بجانب الاهتمام بنصّ المصدر، يحتاج المترجم إلى الاهتمام بأشياء أخرى ما تتعلق بلغة الهدف كـــَ (1) من قارئو حاصل الترجمة، أهم مهنيّون في فن مخصوص أم العوام. (2) هدف الترجمة، إما للهدف العلمي وإما لمجرد الرفاهية. (3) لياقة التحرير، هل لغة التحرير جاسئة أم لا ئقة (هود وأصحابه، 1993: 18).
وتلك الطرائق التي تميل إلى لغة الهدف هي كما يلي باستمرار الترقيم:
5. الترجمة التكيفية
هذه الترجمة أحرُّ ترجمة من طرائق الترجمة الأخرى. وهذه الترجمة تستخدم عادة لترجمة المسرحية أو الشعر مع إيفاء الموضوع والطبيعة والسيرة. لكنها تستبدل ثقافة لغة الهدف بثقافة لغة المصدر. والنموذج من استخدام هذه الترجمة، ترجمة هود وأصحابه (1993: 19) لقطعة الغناء الجاوي إلى اللغة الإنكليزية الآتية:
لغة المصدر:
Mumpung padhang rembulane
Mumpung jhembar kalangane
(surake surak horee) (لا يترجم منه)
لغة الهدف :
While the moonlight is very bright
وإذا تكيفنا تلك الترجمة إلى اللغة العربية، ترجمنا منها بعبارة "حينما أنارنا بدرنا". تصف لغة المصدر الثقافية الجاوية من حيث أثر البدر في أهل قرية من قرى جاوية (الذين ربما يسكنون في ظلمة)، حتى أنهم لا يكتفون بوصف "نور البدر" (padhang rembulane) فقط. بل يصفون أيضا "عرض استدارة نور البدر" (jembhar kalangane). وفي آخر كل بيت من البيتين صَوْتُ (e). والترجمة إلى اللغة الإنكليزية لا تستطيع أن تصف نفس الثقافة، فتحتاج إذن إلى التكيف. وحاصل الترجمة في اللغة الإنكليزية يدل على وصف معتدل في جملة واحدة، وتسوية صوت “ait” في كلمة light و bright. وكذا الترجمة إلى اللغة العربية لا تستطيع أن تصف نفس الثقافة، فحاصل الترجمة في اللغة العربية يدل على وصف معتدل في جملة واحدة وتسوية صوت (نا) في كلمتي "أنارنا" و "بدرنا". ففي الثقافة العربية، البدر معناه "القمر الكامل" ولهم عبارة أخرى يصفون بها عن القمر وهي "هلال" (القمر الأول)، ومحاق (القمر الآخر) (مرتضى، 1999: 67-68).
6. الترجمة الحرّة
هذه الترجمة تفضّل معنى لغة المصدر على أسلوبها وشكلها. فمعنى لغة المصدر منقول إلى لغة الهدف بأسلوبها المختلف. وشكل هذه الترجمة عادة، إعادة الصياغة (parafhrase) التي هي أطول من النص المترجم منه أو أقصر. وهذه الترجمة عادة مستخدمة في وسائل الإعلام. ويليه النموذج من هذه الترجمة الحرّة:
لغة المصدر : (اللقاء، يناير – فبراير، 1993) "الوجه الجديد عاصمة ألمانيا"
ترجمة العبارة حرفية هي "wajah baru ibu kota Jerman"
لغة الهدف: (scala، فبراير، 1993)
"Pembaruan Wilayah Pemerintahan Ibukota Baru (lama) Jerman-Berlin"
التعليق: "اللقاء" اسم مجلة عربية مطبوعة ومنشورة في ألمانيا، وscala اسم مجلة طبعها ونشرها سفارة الجمهورية الفدرالية الألمانية في إندونيسيا باللغة الإندونيسية.
7. الترجمة التعبيرية/الاصطلاحية (idiomatic translation)
تستهدف هذه الترجمة نقل صورة لمعنى لغة المصدر، مستخدما تعبيرات اصطلاحية اللاموجودة في لغة المصدر، فكثيرا ما يقع التحريف في المعنى. وكم من مترجمين مهنِيِّيْنَ يفضلون هذه الترجمة على غيرها كمثل سالسكوبتج seleskovitch، الذي اعتبرها "حيّة" و"طبيعية". ومثال ذلك
Ill-gotten gains never prosper
المال الحرام لا يدوم
Harta haram tak akan bertahan lama
8. الترجمة الاتصالية (communicative translation)
هذه الترجمة تسعى إلى نقل صورة لمعنى سياق لغة المصدر حتّى يفهم القارءون حاصل الترجمة مباشرة من ناحية اللغة ومن ناحية المعنى معا. واهتمت هذه الترجمة بمبادئ الاتصال وهي معاشر القارئين وأهداف الترجمة. ولذلك، قد يكون نص واحد يترجم منه بأنواع الترجمة في لغة الهدف مناسبة بمبادئ الاتصال السابق. ومثال ذلك: تركيب "الحيي المنوي" يترجم منه بــ spermatozoon لعلماء الأحياء (البيولوجيون) أو بــِ air mani لعامّة القارئين.
فإذا قيل أي طريقة من طرائق الترجمة هي أحسنها نجيب إنه لا طريقة من طرائق الترجمة هي أحسن مما سواها. فإن لكل منها مزيةً مناسبة بمشكلات توجهها المترجم وملائما بأهداف الترجمة. لكن على العمون، نستطيع أن نقول إن أحسن الطريقة هي ما بين الحرفية المجرّدة والحرة المفرطة. فإذا كانت الترجمة حرفية مجردة، صعب على القارئين فهمها، وإذا كانت حرة مفرطة، ضاع كثير من جو نص المصدر، وهو مهم لزيادة البيان عن الموضوع والمبحث قدمهما المصنف.
د. إجراءات الترجمة
إن الفرق بين الطريقة والإجراء في موضوعهما. أما الطريقة فموضوعها النص بالكلية، وأما الإجراء فموضوعه الجملة كأصغر وحدة في الترجمة. وهذه الجملة قطعة من النص. والمساواة بينهما أنهما مدخل يستخدمه المترجم للحلول عن مشكلات الترجمة، إلا أن الطريقة مستخدمة كمبدإ عامّ لترجمة نص بالكلية. وأن الإجراء فيه أطوار في حَلِّ مشكلات الترجمة.
ومن أجل أن موضوع الإجراء هو الجملة وهي نفسها متنوعة، فليس من العجيب إذا وجدنا إجراءات كثيرة متنوعة. ورغم أن الإجراءات كثيرة، هناك أنواع منها تعتبر أساسية وكثر استخدامها. ومن الإجراءات الأساسية التي قدمها نيومارك (1988: 81-93) ما يلي:
1. الإجراء الحرفي
يستخدم هذا الإجراء إذا تكافأ معنى لغة المصدر ولغة الهدف وتلك الكلمة تشير إلى شيء سوي. وموضوع هذا الإجراء واسع وهو ترجمة حرف بحرف، وتركيب بتركيب، والتجمع اللغوي بالتجمع اللغوي، وجملة بجملة, لكن إذا طالت وحدة الترجمة صعب استخدام هذا الإجراء. ونموذج استخدام الإجراء الحرفي ما يلي:
"وكما أن القشرة السفلى ظاهرة النفع بالإضافة إلى القشرة العليا فإنها تصون اللب وتحرسه عن الفساد عند الادّخار وإذا فصلت أمكن أن ينتفع بها خطبا لكنها نازلة القدر إلى اللب وكذلك مجرد الاعتقاد من غير كشف كثير النفع بالإضافة إلى مجرد نطق اللسان ناقص القدر بالإضافة إلى الكشف والمشاهدة التي تحصل بانشراح الصدر وانفساحه وإشراق نور الحق فيه".
“Sebagaimana kulit terbawah itu tampak manfaatnya dengan dikaitkan kepada kulit yang teratas, maka ia menjaga isi dan memeliharanya dari kerusakan ketika disimpan. Apabila dipisahkan, niscaya mungkin dimanfaatkan untuk kayu api. Akan tetapi, turun kadarnya dengan dikaitkan kepada isi. Begitu juga, semata-mata I’tiqad tanpa tesingkap banyaknya manfaat, dengan dikaitkan kepada semata-mata penuturan lisan itu kurang kadarnya dengan dikaitkan kepada tersingkap dan penyaksian yang berhasil dengan terbukanya dada dan kelapangannya, tersinarnya nur kebenaran padanya.” (Terjemahan Ihya’ al-Ghazali, 1981, VII: 283)
والنموذج يدل على أن المترجم ينقل نص المصدر إلى نص الهدف حرفيا، حرفا بحرف كترجمة جميع حرف "إلى" بــِ kepada، وكلمةً بكلمةٍ كترجمة كلمة "الكشف" بـــِ tersingkap، و"المشاهدة" بــِ penyaksian، وتركيبا بتركيب كترجمة "مجرد الاعتقاد" بــِ semata-mata iktikad، والتجمع اللغوي بالتجمع اللغوي كترجمة " والمشاهدة التي تحصل بانشراح الصدر" بــ dan penyaksian yang berhasil dengan terbukanya dada، مهملا هل الترتيب مقبول في لغة الهدف أم غير مقبول. والعاقبة، ظهرت المشقة في فهم الجملة الآخرة وهي
“Begitu juga, semata-mata I’tiqad tanpa tesingkap banyaknya manfaat, dengan dikaitkan kepada semata-mata penuturan lisan itu kurang kadarnya dengan dikaitkan kepada tersingkap dan penyaksian yang berhasil dengan terbukanya dada dan kelapangannya, tersinarnya nur kebenaran padanya”
والترجمة بالحقيقة صحيحة لأن نص المصدر قد عبر في نص الهدف. لكنها غربية وغير واضحة لوجود التراكيب الشاذّة أو المجهولة في لغة الهدف كتركيب semata-mata iktikad، و semata-mata penuturan lisan، و dikaitkan kepada tersingkap dan penyaksian و tersinarnya nur kebenaran.
وبديل ترجمة النص السابق ما يلي:
“Meskipun kulit terdalam itu lebih bermanfaat daripada kulit luar karena dapat melindungi dan menjaga isi dari kerusakan saat disimpan, misalnya dapat dijadikan kayu bakar setelah dikupas, tetapi nilainya bila dibandingkan dengan isi sangat kurang. Demikian pula keyakinan semata yang tidak melahirkan banyaknya manfaat kecuali sebatas tuturan lisan adalah lebih rendah nilainya bila dibandingkan dengan mukasyafah dan musyahadah yang diraih melalui kelapangan dan keterbukaan hati serta terbitnya cahaya kebenaran dalam dada.”
ورغم أن هذا الإجراء الحرفي يعجز عن تحصيل ترجمة واضحة، لكنه ليس في إلغاء استخدامه من سبيل. ولا سيما في ترجمة النص المستخدمة الطريقة الوفية والدلالية. وهذا الإجراء استخدمه المترجم إذا وجد تركيب النص الصعب فاحتاج إلى تحليل بنائي وتحليل دلاليّ.
ولذلك إذا وجد المترجم استعارات وأمثالا وعبارات شاذة، لزمه استخدام إجراء آخرَ (شهاب الدين، 2002: 67-69).
2. إجراء النقل والتجنيس (Transfer and Naturalization)
النقل هو إجراء نقل وحدة لغوية من لغة المصدر إلى لغة الهدف بالتقابل الحرفي. والأشياء التي تنقل عادة هي اسم شخص وجغرافيّ، واسم صحيفة ومجلة وجريدة ورائعة أدبية ومسراحية واسم مؤسسة أهلية وحكومية واسم المجتمع وغير ذلك. وفي نص أدبي وإعلانيّ، كثيرا ما تنقل الكلمات الثقافية لجلب اهتمام القارئين ولتقدير ثفافة لغة المصدر. ويليه نموذج استخدام إجراء النقل وتنسيب العبارة المنقولة بطبيعة لغة الهدف كما لاح في كل كلمة تحتها خط في نص المصدر والمطبوع بالإمالة في ترجمته.
"وقد تأثر بعض المسلمين فظهر من يزعم أنه لا بد من تطبيق نقد النص على القرآن الكريم ومن هؤلاء محمد أركون في الجامعات الفرنسية، وفضل الرحمن الذي يرأس قسم الدراسة الإسلامية في جامعة أمريكية".
“Sebagian kaum muslimin benar-benar terpengaruh. Maka muncullah orang yang berpendapat bahwa aflikasi kritik teks terhadap al-Quranul Karim merupakan satu keniscayaan. Diantara mereka yang terpengaruh ialah Muhammad Arkoun yang mengajar di beberapa Universitas Perancis dan Fazlurrahman yang menjadi ketua jurusan studi Islam di Universitas Amerika.”
وفي النموذج ظهر أن المترجم يلائم الكلمة المنقولة بنظام التلفظ والتصريف عند لغة الهدف، فتكون الترجمة مناسبة بلغة الهدف. (شهاب الدين، 2002: 70-71)
3. إجراء التعادل الثقافي
في هذا الإجراء، الكلمة الثقافية في لغة المصدر يترجم منها بالكلمة الثقافية في لغة الهدف. واستخدام هذا الإجراء محدود، وهذا لعدم التساوي بين ثقافتين. وما يلي نموذج استخدام إجراء التعادل الثقافي:
"وقام عبد المؤمن ببناء خمسة أحزمة أمنية حول معسكره"
“Abdul Mu’min membangun lima ikat pinggang pengaman di sekitar kamp militernya”
ظهر أن المترجم يسعى إلى تصوير العبارة الثقافية "أحزمة أمنية" بــ ikat pinggang pengaman. لكن، هذا الإجراء يمحو جو الثقافة في الكلمة المترجمة منها لأن التصوير غير شائع في لغة الهدف. وفي الكلام الإندونيسي تعرف عبارة "sabuk pengaman" لتصوير شيء كحبل ينتفع به لحرس الأمن. ولذلك ترجمت كلمة "أحزمة أمنية" بــِ sabuk pengaman (شهاب الدين، 2002: 71-72).
4. إجراء المناقلة (transposition)
المناقلة هي استبدال وحدة نحوية بأخرى (نيومارك، 1981: 66) وهناك أربعة أنواع من المناقلة وهي:
أ). المناقلة الواجبة التلقائية من أجل النظام اللغوي والنحوي. وفي هذا، ليس للمترجم في إلغاء استخدام هذه المناقلة الواجبة من سبيل. وإجراء المناقلة الواجبة التلقائية في ترجمة اللغة العربية إلى الإندونيسية وعكسها نوعان، وهما:
1). صيغة الجمع بعد العدد في اللغة العربية تكون مفردا في اللغة الإندونيسية. والمثال:
ثلاثة كتب = tiga buah buku وليس tiga buah buku-buku
أربع مدارس = empat buah sekolah
وليس empat buah sekolah-sekolah
2). تكرار النعت أو الصفة في اللغة الإندونيسية الذي معناه يدل على تنوعيته، يكون جمع الموصوف في اللغة العربية، والمثال
“gedung di Jakarta bagus-bagus” = تكون المباني بجاكرتا ضخمة"
ب). المناقلة من أجل أن الوحدة النحوية في لغة المصدر غير موجودة في لغة الهدف. ومثال ذلك تقديم الفعل على الفاعل، المسمى بالجملة الفعلية فهي غير موجودة في اللغة الإندونيسية، والمثال:
"بكى الولد" = “anak itu menangis”
"جاء الأستاذ" = “Profesor telah datang”
ولا يجوز في اللغة الإندونيسية تركيب "menangis anak itu" ولا “telah datang profesor itu”.
ج). المناقلة لتطبيع التعبير، وإن أمكن استخدام الإجراء الحرفي حسب القواعد. والنموذج:
1). المصدر في اللغة العربية يصير فعلا في اللغة الإندونيسية. مثال ذلك:
"الاِطّلاع على الكتب الحديثة محتاج إليه" وترجمتها إلى اللغة الإندونيسية
"menelaah buku-buku baru diperlukan"
كلمة "الاِطّلاع" مصدر وكلمة "menelaah" فعل.
2). الفعل في اللغة العربية يكون صفة في اللغة الإندونيسية. والنموذج:
"مرض الخادم" = pembantu itu sakit
كلمة "مرض" فعل" وكلمة sakit صفة
د). مناقلة الوحدة اللغوية، إما من كلمة تركيب والعكس، وإما من تركيب إلى التَجَمُّعِ اللغوي والعكس، والمثال:
النور = cahaya yang terang
الاستخارة = sholat istikharah (مرتضى، 1999: 73-74)
5. التعديل (modulation)
وقد تكون المناقلة تسبب تغير المعنى لتغير وجهة النظر. وهذا التغير يسمى بِــ "التعديل" (modulation). والفكرة بالتعديل تعتمد على نظر نيومارك (1988)، وقسّمه متشالي (Machali) إلى التعديل الواجب والتعديل الحرّ. والتعديل الواجب معمول به إذا كانت الكلمة التعبير أو التركيب ليس لهامكافئة في لغة الهدف. والمثال:
أ). بناء المعلوم في لغة المصدر يكون بناء المجهول في لغة الهدف وعكسه. والمثال:
"المباراة في كرة القدم يشتاق إليها كثير من الناس"، والترجمة إلى اللغة الإندونيسية هي:
“pertandingan sepakbola diminati banyak orang”
ب). ترجمة الكلمة التي لم يعبّر جميع معناها في لغة الهدف، وهي من ذات معنى خاصّ إلى ذات معنى عامّ. والمثال:
عمّ = paman (أخو الأب الكبير أو الصغير)
خال = paman (أخو الأم الكبير أو الصغير)
والتعديل الحر يعمل به لعلة غير لغوية كتوضيح المعنى، وطلب المكافئ الجيد في لغة الهدف. وكالتبيين بالكتابة في لغة الهدف ما هو مضمر في لغة المصدر. ومثال ذلك ترجمة الآية 6 من سورة الزمر الآتية:
لغة المصدر:
... öNä3à)è=øƒs† ’Îû ÈbqäÜç/ öNà6ÏG»yg¨Bé& $Z)ù=yz .`ÏiB ω÷èt/ 9,ù=yz ’Îû ;M»yJè=àß ;]»n=rO 4 ... ÇÏÈ
لغة الهدف:
“Dia menjadikan kamu dalam perut ibumu kejadian demi kejadian dalam tiga kegelapan” (yakni selubung janin berupa kegelapan dalam perut, kegelapan dalam rahim dan kegelapan dalam selaput yang menutup janin dalam rahim)”.
(مرتضى، 1999: 74-75)
6. المقارنة بالسياق
المقارنة بالسياق (contextual conditioning) هي وضع معلومات في السياق ليتضح المعنى للقارئين. وفي الترجمة، يلزم الاهتمام بمبدإ من مبادئ الاتصال ؛ أنه إذا كثر سياق خبر قلّ إمكان الخطإ قبول المعلومات. كترجمة الآية 115 من سورة البقرة الآتية:
¬!ur ä-Ì�ô±pRùQ$# Ü>Ì�øópRùQ$#ur 4 $yJuZ÷ƒr'sù (#q—9uqè? §NsVsù çmô_ur «!$# 4 žcÎ) ©!$# ììÅ™ºur ÒOŠÎ=tæ ÇÊÊÎÈ
والترجمة إلى اللغة الإندونيسية "
“Dan Kepunyaan Allah-lah timur dan barat, maka kemanapun kamu menghadap di situlah wajah Allah. Sesungguhnya Allah Maha Luas (Rahmat-Nya) lagi Maha Mengetahui”
فسياق هذه الكلمة كما قال الطبري عن قوم لا يدركون جهة القبلة، فيصلّون مستقبلين جهات متفرقة (مرتضى، 1999: 75-76)
7. المقارنة بالتعليق
فإذا عجز جميع الإجراءات المذكورة عن تحصيل ترجمة جيدة، يمكننا أن نستخدم إجراء المقارنة بالتعليق. وبالخصوص ي ترجمة كلمة أو عبارة اللتان لم يوجد مكافئهما ألبتة في لغة الهدف، ككلمة sarung أو batik أو gado-gado. فالترجمة إذن باستخدام إجراء المقارنة بالتعليق (إما كحاشية وإما كهامشة). ومثال ذلك:
نص المصدر: "افتتح خادم الحرمين الشريفين الندوة العالمية لوزارة الحج والأوقاف"
نص الهدف:
“Pelayan dua kota suci telah membuka pertemuan internasional kementerian Haji dan Waqaf”
التعليق:
Pelayan dua kota suci adalah julukan raja Arab Saudi karena kebanggaannya terhadap kota Makkah dan Madinah
(مرتضى، 1999: 76)
وما عدا تلك الإجراءات المذكورة، إجراءات أخرى كـــتحليل المكوّنات (component analysis)، والتعويض (compensation) والتعريف (definition) وإعادة الصياغة (parafhrase) والتوسع (expansion) والاختزال (contraction) وغير ذلك من الإجراءات.
وفي عملية الترجمة، قد يكون إجراء واحد يعجز عن حلّ إشكالية الترجمة، فحينئذ استخدم إجراءان أو أكثر معا.
هـ. الفكرة في "الترجمة الصحيحة"
الترجمة تشتمل على نوعين من المعرفة وهما:
1. كيف نفهم قرائن النص ومعانيه في لغة المصدر
2. وكيف ننقل تلك القرائن والمعاني في لغة الهدف. (بيبانكو Vivanco، 1990)
فالمشكلة الأساسية في الترجمة هي طلب الكلمات المكافئة في لغة الهدف. فإذا وجدنا التكافؤ، فكل عنصر من العناصر اللغوية التي كافأناها لم يزل ينفتح لعدة تفاسير. وهكذا، فتعريف الترجمة الصحيحة يتعلق تعلقا شديدا بعوامل خارج النص. وتلك العوامل الخارجية، أولا، مصنف نص المصدر، الذي أثّرته تربيته ومراجعه أو غيرهما في كتابته. فكان في شبكة داخل النص.
والعامل الثاني، المترجم نفسه الذي في سعيٍ إلى نقل فكرة نص المصدر. فهو لا يخلو أيضا من تلك شبكة داخل النص. وله دور مهم في عملية الترجمة، إذ هو يختار بين أن يميل إلى لغة المصدر مع جميع مضموناتها أم إلى لغة لهدف مع جميع مضموناتها.
والعامل الثالث، معاشر القارئين الذين كانوا أيضا في شبكة داخل النص. فقد بدا لهم تفاسير متنوعة في النص الذي قرءوه. والعامل الرابع، اختلاف القاعدة أو العرف بين لغتي المصدر والهدف. والعامل الخامس، الثقافة التي عليها لغة المصدر.والعامل السادس، موضوع النص الذي قد يفهمه القارءون والمترجمون ما لا يريده مصنف نص المصدر. ومن ذلك نستخلص أن المترجم عليه مسؤولية كبيرة إذ لا بد له أن يفهم جو نص المصدر ومعاشر القارئين لنص المصدر. ولذلك لن نجد ترجمة صحيحة محضة ولا مخطئة بتة.
فهذه النسبية في الترجمة الصحيحة تؤول إلى مشكلة في تقويم حاصل الترجمة. وقد فصل نيومارك هذه المشكلة بعرض أربع نظرات في حاصل الترجمة. الأولى، الترجمة كعلم (translation as science)، ففي هذه النظرة تحكم الترجم صحيحة أو مخطئة اعتمادا على المعايير اللغوية. فالخطأ في هذه النظرة مطلق. والثانية، الترجمة كخبرة (translation as craft). وفي هذه النظرة لا يقال إلا أن الترجمة لها مفهوم أحسن من الأخرى. وهذه غير مطلقة. الثالثة، الترجمة كفنّ (translation as an art)، وهذه النظرة تتعلق بترجمة الرائعات الأدبية أو الأغنية الأجنبية. والرابعة، الترجمة كذوق (translation as a taste)، ففي هذه النظرة، الترجمة ينظر إليها كاختيار اعتمادا على الذوق اللغوي.
والحاصل، في واقعة النظرة الأولى تعتبر الأخطاء في الترجمة مطلقة. وأما في بقية النظرات فيلزم لنا أن نسأل علاّت المترجم في اختيار ترجمته (تريادي Taryadi، 2003).
هـ. الأخطاء اللغوية وعواملها في الترجمة
الأخطاء في اللغة الإنكليزية تسمى بـ error (إيجولس Echolls وشاديلي Shadily، 1996: 218، هودا في نور هادي ورُوحان، 1990: 57). أما كفارسكي Kiparsky فيسمي بــ goof، ودلاي Dulay يسميها بـ goofing. وأما بورت Burt فهو يسميها بكليهما (goofing و goof)(نور هادي وريحان، 1990: 57). وفي اللغة الإندونيسية معروفة بــ kesalahan أو kekhilafan (Tim Balai Pustaka، 2001 : 982).
الأخطاء هي ما قاله متحدث لغة الهدف ولا يشعر أنه خاطئ حتى يصلحه بنفسه حالا (نبابان، 1998: 133) ورأى كوردير (في بارجا،1990: 94) أن الأخطاء تعتب انعكاسا لقدرة الدارس للُّغة الوسيطة وهي ترجع إلى الانحرافات المنظمة والمستمرة وتعتبر صورة كفاءة الدارس للغة الهدف في المرحلة المعينة. وهذه الأخطاء يسببها عدم معرفته لقواعد لغة الهدف (حميد، 1997 : 72) ويوافق هذا ما قاله صيني والأمين أن الأخطاء نوع من الأخطاء التي يخالف فيها المتكلم أو الكاتب قواعد اللغة (1982: 12).
الخطأ إذن هو انحراف عما هو مقبول في اللغة حسب المقاييس التي يتبعها الناطقون بهذه اللغة (طعيمة، 1989: 53) ولقد قدمت للخطإ اللغوي تعريفات أخرى كثيرة تستخلص منها عدة مواصفات للاستجابة اللغوية حتى تعتبر خطأً منها:
1. مخالفة الاستجابة اللغوية الصادرة من الطالب لما ينبغي أن تكون عليه هذه الاستجابة.
2. عدم مناسبة هذه الاستجابة في بعض المواقف
3. تكرار صدور هذه الاستجابة، فما يصدر مرة واحدة لا يعتبر خطأ وإنما يعتبر زلة أو هفوة.
و في ضوء هذا يمكن تعريف الخطإ اللغوي كما يلي: وهو أي صيغة لغوية تصدر من الطالب بشكل لا يوافق عليه المعلم. وذلك لمخالفة قواعد اللغة (طعيمة، 1989: 53).
وعند تحليل الترجمة لا يخلو من إحدى العلاقات الآتية: وهي الفهم الصحيح مع النقل الصحيح، والفهم الصحيح مع النقل المخطئ، والفهم المخطئ مع النقل المخطئ، والفهم المخطئ مع النقل الصحيح. وستتضح هذه العلاقات بما يلي:
1. الفهم الصحيح مع النقل الصحيح
قد فهم المترجم معاني نص المصدر فهما صحيحا، وقد نقلها في لغة الهدف نقلا صحيحا أيضا. وهذه ترجمة بلا خطإ. ومثالها ترجمة جملة "جاء فريد مع صديق له" بــ Farid datang bersama seorang temannya.
2. الفهم الصحيح مع النقل المخطئ
وعني بهذا، أن الترجمة لها أخطاء من ناحية الكفائة الاتصالية في لغة الهدف، لا من ناحية الفهم المخطئ. ومثالها ترجمة نفس الجملة بــ Datang Farid bersama seorang teman kepunyaannya. فالترجمة بالحقيقة صحيحة من جانب معنى نص المصدر، ولكنها مخطئة من جانب قواعد لغة الهدف وقيودها.
3. الفهم المخطئ مع النقل المخطئ
ففي هذه الواقعة، حصل المترجم على الترجمة التي لها أخطاء في مستويَين: الخطأ في فهم معاني نص المصدر وفي نقلها في لغة الهدف، نظرا إلى قواعد لغة الهدف. ومثالها ترجمة الجملة السابقة بــ berangkat Farid bersama saudara kepunyaannya. ففي هذه الترجمة وقعت الأخطاء في مستويين: أولا في فهم معنى نص المصدر وهو ترجمة كلمة "جاء" بــ berangkat وكلمة "صديق" بــِ saudara. والثاني في صياغة لغة الهدف التي هي مخطئة وممنوعة نظرا إلى قواعدها وقيودها.
4. الفهم المخطئ مع النقل المخطئ
في هذه الواقعة، تقع الأخطاء في فهم معاني لغة المصدر. فصياغة الترجمة جيدة صحيحة حسب قواعد لغة الهدف. فإذا لم يقارَن بين نص المصدر ونص المصدر، لن يعلم أحد أن الترجمة بالحقيقة لا تُوفي الفكرة الأصلية لنص المصدر. ومثالها ترجمة تلك الجملة بـــ Farid berangkat bersama saudaranya. فالأخطاء تقع في فهم معنى نص المصدر لا في صياغة الجملة في لغة الهدف. فتكون الترجمة على هذا النوع "ضالّةً مضِلّةً.
والأخطاء في الترجمة عند الطلاب يؤثرها أربعة عوامل آتية:
1. التداخل اللغوي من لغة المصدر على لغة الهدف.
2. الفهم السقيم عن لغة المصدر
3. نقصان كفاءة التعبير أو الاتصال في لغة الأم للمترجم
4. نقصان الاستيعاب على خلفية الخارج اللغوي (بيبانكو Vivanco، 1990).
و. الخلاصة
الترجمة هي عملية استبدال نص في لغة معيّنة بنص آخر فى لغة أخرى (كاتفورد، 1964: 12). أو إنها نقل الكلام من لغة إلى أخرى. ومعنى نقل الكلام من لغة إلى أخرى، التعبير عن معناه بكلام آخر من لغة إلى أخرى، مع الوفاء بحميع معانيه ومقاصده ( الزرقاني، 1996 ج.2: 120).
أما طريقة الترجمة فهي طريقة مستخدمة لترجمة نص بالكلية من أوّله إلى آخره. فموضوع الطريقة هو النص الكليّ، وهي متعلّقة بمبادئَ تمسّك بها المترجمون حين يعبّرون عن نص المصدر. ولذلك قد يعنى بطريقة الترجمة، مدخلا لحلّ مشكلات الترجمة (شهاب الدين، 2002 : 202).
وطريقة الترجمة التي تميل إلى لغة المصدر تنقسم إلى أربع طرائق. وهي الترجمة الأسطرية، والترجمة الحرفية، والترجمة الوفيّة، والترجمة الدلالية.و الطرائق التي تميل إلى لغة الهدف أيضا أربع. وهي التكيفية، والترجمة الحرّة والترجمة التعبيرية، والترجمة الاتصالية (نيومارك Newmark ،1988: 45-47).
ومن الإجراءات الأساسية التي قدمها نيومارك (1988: 81-93) هي، الإجراء الحرفي، وإجراء النقل والتجنيس، وإجراء التعادل الثقافي، وإجراء المناقلة، وإجراء التعديل، وإجراء المقارنة بالسياق، وإجراء المقارنة بالتعليق.
وما عدا تلك الإجراءات المذكورة، إجراءات أخرى كـــتحليل المكوّنات، والتعويض والتعريف وإعادة الصياغة والتوسع والاختزال وغير ذلك من الإجراءات.
المراجع
الزرقاني، محمد عبد العظيم، 1996، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج.2، بيروت: دار الكتب العلمية
بيرت، مارينا. 1982. تحليل الأخطاء في صفوف تعليم الإنجليزية بوصفها لغة أجنبية للكبار في التقابل اللغوي وتحليل الأخطاء. الرياض: جامع الملك سعود.
ديدوي، محمد، 1992، علم الترجمة بين النظرية والتطبيق، تونس: دار المعارف
صيني، محمود إسماعيل ومحمد إسحاق الأمين.1982. التقابل اللغوي وتحليل الأخطاء. الرياض: جامعة الملك سعود.
طعيمة، رشدي أحمد. 1989. تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، منهج وأساليبه. الرياض منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافة إيسيسكو-.
كتفورد، جي سي، 1983، A Linguistic Theory of Translation، ترجمة عبد الباقي الصافي، نظرية لغوية للترجمة، البصرة: دار الكتب العلمية.
منظور، محمد بن كريم بن، 1992، لسان العرب، ج.12، بيروت: دار الكتب العلمية
نيومارك، بيتر، 1986، Approaches to Translation، ترجمة محمود إسماعيل صيني، اتجاهات في الترجمة: جوانب من نظرية الترجمة، الرياض: دار المريخ للنشر
------، 1985، Approaches to Translation، ترجمة محمود إسماعيل صيني، دليل المترجم، الرياض: دار العلوم
Baradja, MF. 1990. Kapita Selekta Pengajaran Bahasa. Malang: IKIP Malang.
Echols, Jhon M dan Hasan Shadily, 1996. Kamus Inggris-Indonesia, Jakarta: PT Gramedia
Hamid, Fuad Abdul. 1987. Proses Belajar Mengajar Bahasa. Jakarta: P2LPTK Direktorat Pendidikan Tinggi Dep.Dik.Bud.
Hoed, Benny Hoedoro dkk. 1993. Pengetahuan Dasar tentang Penerjemahan dalam Lintas Bahasa: Media Komunikasi Penerjemah. No. 1/7/1993. Jakarta: Pusat Penerjemahan Fakultas Sastra Universitas Indonesia.
Murtadho, Nurul. 1999. Metafora dalam al-Quran dan Terjemahannya dalam Bahasa Indonesia (Kajian atas Metafora Cahaya, Kegelapan dan Beberapa Sifat Allah). Disertasi. Universitas Indonesia. Jakarta: Tidak Diterbitkan.
Nababan, Sri Utami Subiyakto. 1993. Metodologi Pengajaran Bahasa. Jakarta: Tidak Diterbitkan.
Newmark, Peter, 1986, Approaches to Translation, Newyork: Pergamon Press.
---------, 1988, A Textbook of Translation, Newyork: Prentice Hall.
Nurhadi dan Roekhan. (Ed). 1990. Dimensi-dimensi dalam Belajar Bahasa Kedua. Bandung: Sinar Baru Bandung YA3 Malang.
Sadtono, 1985. Pedoman Penerjemahan, Jakarta: Pusat Pengembangan dan Pembinaan Bahasa.
Syihabuddin, 2002. Teori dan Praktek Penerjemahan Arab- Indonesia. Bandung: Proyek Peningkatan Penelitian Pendidikan Tinggi Direktorat Jenderal Pendidikan Tinggi Departemen Pendidikan Nasional.
Taryadi, Alfons. 2003. Kritik Terjemahan di Indonesia. Makalah dalam Diskusi Himpunan Penerjemah Indonesia. Jakarta: Pusat Bhasawa Depdiknas.
Tim Balai Pustaka.2001. Kamus Bahasa Indonesia. Cet.III. Jakarta: Balai Pustaka.
Vivanco, H., etc. 1990. Error Analysis in Translation: A Preliminary Report. Santiago: Pontificia Universidad Catolica de Chili.
[1] . محاضر الترجمة وعلم الصرف في كلية التربية شعبة تعليم اللغة العربية بجامعة أنتساري الإسلامية الحكومية بنجر ماسين. وهو متخرج من نفس الجامعة عام 2001 م، ومن شعبة تعليم اللغة العربية للدراسات العليا بالجامعة الإسلامية مالنج عام 2004 م.
0 komentar:
Posting Komentar